jbail Al Akwa News: لبنان بين ساعة الحقيقة وخيارَي الحرب والتفاوض
انطوان العويط
أقدم الرئيس جوزاف عون على خطوةٍ غير مألوفة في المشهد اللبنانيّ، إذ قرّر أن يقتحم منطقةً سياسيّةً حسّاسة طالما تجنّبها الآخرون، متقدّماً في ملفّ التفاوض مع إسرائيل بخطوةٍ وُصفت بالجريئة. لم يكن الأمر مجرّد مبادرةٍ تقنيّة أو أمنيّة، بل تحوّلٍ في مقاربة الدولة لملفٍّ يختصر أحد أهمّ الأزمات التي تواجه حاليّاً الكيان اللبنانيّ. وهذا التحوّل لم يأتِ من فراغ، بل من إدراكٍ لثلاث حقائق باتت واضحة لا لبس فيها. أوّلها، أنّ ملفّ السلاح بلغ جداراً مسدوداً. فـ”حزب الله” أعلن موقفه النهائيّ، رافضاً أيّ بحثٍ في تسليم سلاحه أو إعادة تنظيمه إلّا بعد تحقيق شروطٍ شبه مستحيلة على أرض الواقع: وقف الاعتداءات الإسرائيليّة، انسحابها من الجنوب، انطلاق إعادة الإعمار، ثم إدراج الموضوع في إطار استراتيجيّة أمنٍ وطنيّ شاملة. بهذا الموقف، أُغلِق باب الحوار الثنائيّ بين بعبدا والحزب، ووُضعت الدولة أمام خيارين. إمّا المضيّ في تنفيذ خطّة حصر السلاح ومواجهة تداعياتها، أو تجميد الملفّ والاكتفاء بالقرارات الشكليّة. وإزاء الانسداد الكامل، برزت الحاجة إلى مسارٍ ثالث يفتح ثغرة في الجدار المقفل. وثانيها، أنّ لبنان – والرئيس تحديداً – لم يعد يحتمل الدوران في حلقة الشلل والمراوحة. فقد دخل العهد باكراً في مرحلة استنزافٍ سياسيٍّ واقتصاديٍّ قاسية، بعدما رُبط كلّ شيء بملفّ السلاح وتحوّل الانقسام حوله إلى قيدٍ يكبّل إنطلاق الدولة وإعادة البناء. ومع تصلّب الحزب وتصاعد ضغوط الداخل والخارج، وجد الرئيس نفسه أمام خسارةٍ من رصيده السياسيّ والشعبيّ، ما دفعه إلى التحرّك لاستعادة زمام المبادرة ومحاولة إنقاذ وطنه وعهده من الانحدار إلى المجهول. أمّا الحقيقة الثالثة، فهي أنّ الإقليم دخل فعلاً مرحلة إعادة تموضعٍ كبرى. فما يجري اليوم يتجاوز وقف النار في غزّة إلى رسم معالم شرقٍ أوسط جديدٍ تُطوى فيه صفحة الحروب وتُفتح صفحة التسويات. من الرياض إلى القاهرة فعمّان، تسود لغة المصالح، فيما تمضي واشنطن في خطّةٍ شاملة لإعادة تركيب المنطقة. ولبنانيّاً، ووفق واقع الأمور، لن يشهد انسحاباً إسرائيليّاً من الجنوب، ولن تتوقّف الهجمات ما لم يُحسم ملفّ السلاح، وما لم تُستحدث ترتيباتٌ جديدة تقدّم الضمانات المتبادلة لبيروت وتل أبيب. والعالم، بما فيه أصدقاء لبنان، لن يشارك في إعادة الإعمار أو ممارسة ضغطٍ على إسرائيل، طالما أنّ الحزب متمسّك بسلاحه والدولة تُحجم عن مواجهته. في هذا المناخ، أدرك عون أنّ لبنان لا يمكن أن يبقى على هامش التاريخ، وأنّ غيابه عن مشهد التسويات سيحوّله من طرفٍ فاعل إلى مجرّد ملفٍّ يُدار من الخارج. لذا أراد بمبادرته، ولو رمزيّاً، أن يدخل لبنان في معادلة السلام بدل تركه رهينة الحروب المؤجّلة…أو الواقعة حتماً. هكذا دخل لبنان سباقاً حادّاً بين حربٍ قد تكون إسرائيل تُحضّر لها بدقّة بعد إقفال ملفّ غزّة، ومفاوضاتٍ يحاول لبنان طرحها لتجنّب الحرب وفتح كوّةٍ في جدار الانسداد. وفي خضمّ هذا السباق، اشتعلت الساحة اللبنانية نقاشاً وتكهّناً. هل يحدث التفاوض؟ هل يكون مباشراً أم غير مباشر؟ سياسيّاً أم أمنيّاً؟ وما حدوده ونتائجه المحتملة؟ لكنّ الرئيس نبيه برّي وضع حدّاً للسجال بكلمةٍ واحدةٍ مقتضبة: “الميكانيزم”. بكلمةٍ واحدة، نعى المسار التفاوضيّ بعدما أبلغت إسرائيل الموفد الأميركيّ طوم بارّاك رفضها للمبادرة برمّتها. وللدقّة، من الصعب أو المستحيل أن يسقط مبدأ التفاوض في النتيجة، والرفض الإسرائيليّ له كان موجّهاً للمقترح الأميركيّ القاضي بإطلاق مسارٍ تدريجيٍّ يبدأ بوقفٍ شاملٍ للنار لشهرين، يتبعه انسحابٌ من الأراضي المحتلّة تمهيداً لترسيم الحدود. غير أنّ تل أبيب قد تكون رأت في ذلك تساهلاً أو توازناً أو انقلاباً في التراتبيّة، وأصرّت على أن تكون نقطة الانطلاق هي نزع سلاح الحزب، باعتبارها المدخل الوحيد لأيّ تفاوضٍ هادفٍ ومباشر نحو سلامٍ مستقبليّ، أو أنّها في الأصل، لا تريد أن تقيّد ذاتها بنتائج مفاوضات في هذه المرحلة بالذات. هنا، جاء كلام الموفد الأميركيّ بارّاك ليضيف بعداً أكثر خطورة. فقد كشف أنّ واشنطن قدّمت ما سمّته “المحاولة الأخيرة”، وهي خطةٌ لنزعٍ تدريجيٍّ للسلاح تحت إشرافٍ أميركيٍّ وفرنسيٍّ مباشر. لكنّ لبنان، كما قال، رفض الخطّة بسبب نفوذ “حزب الله” داخل الحكومة. وأضاف: “إنّ نزع سلاح الحزب هو فرصة لبنان للتجدّد، لاستعادة السيادة وفتح باب الانتعاش الاقتصادي. أمّا إذا لم تتحرّك بيروت، فسيواجه الجناح العسكريّ للحزب حرباً كبرى مع إسرائيل في لحظةٍ من قوّةٍ إسرائيليةٍ وضعفٍ إيرانيٍّ غير مسبوق، وسيجد جناحه السياسيّ نفسه أمام عزلةٍ متزايدة مع اقتراب انتخابات أيار 2026”. تحذير بارّاك بدا أقرب إلى إنذارٍ ميدانيٍّ مغلّفٍ بالدبلوماسيّة. إن لم تُنفّذ الدولة اللبنانيّة حصر السلاح بالسياسة، فستُفرض عليها النتيجة بالقوّة. فواشنطن تعتبر أنّ الشرق الأوسط بعد قمة شرم الشيخ دخل مرحلة إعادة تشكّلٍ كبرى، وأنّ على لبنان أن يترجم هذا التحوّل باحتكار السلاح وبانخراطٍ تدريجيٍّ في مسار المفاوضات كي لا يبقى أسير “مرحلة الحرب”. لقد ضاقت هوامش المناورة، وتقلّصت مساحة الغموض البنّاء، وبات لبنان أمام ساعة الحقيقة. إمّا قرارٌ وطنيٌّ شجاع يواكب التحوّلات بعقلانيّة وواقعيّة، يحفظ المصالح اللبنانيّة من دون استسلام، وإمّا عاصفةٌ إسرائيليّةٌ – أميركيةٌّ مقبلة ستُعيد صياغة المعادلة اللبنانيّة من جذورها.
لمتابعة اخر اخبار لبنان والعالم زوروا موقعنا الالكتروني jbail al akwa news
jbail Al Akwa News: القصيفي في مؤتمر«الصحافة اللبنانية: الرؤيا والدور»: لقانون إعلام عصري تكون الحرية ركيزته الأساس الأربعاء 22 تشرين الأول 2025
نظمت نقابة محرري الصحافة الللبنانية ومركز “لبنان للعمل التطوعي”، مؤتمر “الصحافة اللبنانية: الرؤيا والدور”، في إتحاد الغرف العربية – مبنى عدنان القصار – بئر حسن، في حضور المدير العام لوزارة الإعلام الدكتور حسان فلحة ممثلاً وزير الإعلام المحامي د.بول مرقص، الوزير السابق زياد بارود، رئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ، نقيب المحررين جوزيف القصيفي، رئيس مركز لبنان التطوعي الدكتور محمد جنون، رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي العميد جوزيف مسلم ومهتمين.
بعد النشيد الوطني والوقوف دقيقة صمت عن أرواح الشهداء الصحافيين، قدمت الإعلامية يمنى غريب الموتمر بكلمة قالت فيها: “الرؤية مع “تاء مربوطة” أو الرؤيا مع “الف ممدودة”، شكلان للتعبير عن فعل واحد، وهما الترجمة العملية لكلمة Vision. ما نراه اليوم وما نطمح إليه بات يتخطى الإدراك الحسي والفكري لمشروع محدود تعبر عنه كلمة رؤية مع تاء مربوطة، إنما هو يحمل كل الأحلام التي نتوخى تحقيقها لمهنة رسولية في أساسها مهنة تنوء اليوم تحت جم من الصعوبات الناجمة عن تحولات جذرية على مستوى البشر في السياسة والإقتصاد والمفاهيم، وفي المؤسسات والتكنولوجيا ووسائل الإنتاج حتى اننا نكاد نكون في رؤيا الأنبياء وصور أحلامهم. لذا ذهبنا نحو الأوسع نحو رؤيا بالألف الممدودة”.
وتابعت: “وسط كل هذه التحولات تمر الصحافة الإحترافية على أشكالها من مكتوبة ومرئية ومسموعة وإلكترونية في أصعب الظروف، فالمشهد الإعلامي انتقل من الندرة والنخبوية الى التخمة والشعبوية. أبعد من الصعوبات الإقتصادية والعوائق المؤسسية والضبابية في القوانين، تغرق المعلومات والرسائل والصور والأفلام التي تطلق في ثوان فضاءً إعلاميًا مفتوحًا ومتاحًا للجميع فتكاد تسقط عن الصحافة المحترفة هيبتها ودورها وتأثيرها”.
القصيفي
ثم تحدث القصيفي وقال: “يسرنا أن نلتقي في هذا المؤتمر تحت عنوان الصحافة اللبنانية: الرؤيا والدور، والذي دعت إليه نقابة محرري الصحافة اللبنانية ويتحدث فيه نخبة من الصحافيات والصحافيين من ذوي الباع الطويل في المهنة، الذين راكموا خبرات طوال سنوات عملهم، وأكاديميين وقانونيين وخبراء شهدت المنتديات بكفايتهم وحسن إحاطتهم بالموضوع. ولابد لي في مستهل كلمتي من توجيه الشكر إلى عضو مجلس نقابة المحررين يمنى شكر غريب على ما بذلت من جهد لضمان إنعقاد المؤتمر واختيار المحاور والمتحدثين، كما أشكر لمركز لبنان للعمل التطوعي برئاسة الزميل الدكتور محمد جنون تعاونه المثمر مع النقابة لتنظيم هذا المؤتمر”.
تابع: “لن أغوص في موضوع المؤتمر ولا جوانبه، فهذه المهمة ملقاة على الذين سيتطرقون إلى عناوين المحاور، وما يهمني الإشارة إليه يتلخص بالنقاط الآتية:
أوّلاً: إن لبنان في حاجة إلى قانون عصري، شامل وموحد للإعلام تكون الحرية ركيزته الأساس، وينتج إعلاميًا وطنيًا يكون رافعة للوطن، ويعول عليه، لا إعلامًا- يتسول الدعم الخارجي، ما يضطره إلى الإبتعاد عن هدفه ورسالته. نريد إعلامًا – صوتًا صارخًا، صادحًا بالحق، ناطقًا بالحقيقة، لا إعلامًا- بوقًا للخارج أي خارج، وكذلك لأي مجموعة أنى تكن، توظفه في خدمة أجندتها ولو على حساب الصالح العام.
ثانيًا” بعيدًا من الإعلام الرقمي الإحترافي القائم على معايير مهنية وأخلاقية، يهالنا أن تستغل بعض الجهات الخارجية والداخلية التطورات التكنولوجية المتسارعة لتنشىء منصات لغايات لا علاقة لها بالصحافة والإعلام، وتستغل غياب القانون الواضح والناظم، لنشر ما لا يخدم وحدة لبنان، وشعبه واستقراره، وذلك تحت شعار حرية الصحافة، ولو كانت القيم الوطنية والأخلاقية هي الضحية”.
وأضاف: “من هنا تبرز المسؤولية، في وضع ركائز واضحة تتوخى الآتي: أن يعتمد قانون الإعلام المنتظر أعلى معايير الشفافية، والديموقراطية والحداثة. ويهمنا ربطه ببرنامج واضح لدعم قطاع الصحافة والإعلام كما فعلت وتفعل الدول المتقدمة للحفاظ على الهوية الوطنية لصحافتها من خلال الدعم المادي، لأن الدولة كمؤسسات وهيكليات تدعم وتهب بصورة غير مشروطة. كما يهمنا ربط هذا القانون بدورة الإقتصاد الوطني من خلال تقديم الحوافز التي تضمن ديمومة القطاع الصحافي والإعلامي الإحترافي”.
وقال: “إننا نطمح لتنسيق مع وزارة الإعلام، ولجنتي الإدارة والعدل، والإعلام والإتصالات النيابيتين، ونقابة الصحافة والمجلس الوطني للإعلام، وكل المعنيين من أكاديميين وخبراء ليكون قانون الإعلام المنتظر عصريًا بكل ما للكلمة من معنى، ومنسجمًا مع حاجات لبنان وإمكاناته ودوره، ومستجيبًا للتحديات، فنهدي البلاد صيغة طموحة تحل هذا القطاع في المرتبة المتقدمة بين القطاعات، فلا نظل على قارعة الرصيف، فيما صافرة القطار تنطلق بعيدًا منا. إن نقابة الصحافة ونقابة المحررين وهما منشأتان بقانون تتعرضان لشل قدراتهما بعدما باتت ودائع هاتين النقابتين سجينة المصارف شأنها شأن ودائع سائر النقابات ما يستوجب النظر جديًا بهذه المسألة وإيجاد الحلول الملائمة لها، لتتمكنا من القيام بما يتعين عليهما القيام به في رعاية المهنة والعاملين فيها والسير بها نحو حداثة مرتجاة”.
وأشار الى أنه “على الرغم من كل الصعوبات، فإن نقابة المحررين التي حدثت نظامها الداخلي لضم العاملين في قطاعات الإعلام المرئي والمسموع والصحافة الإلكترونية، وخطت خطوات بعيدة في هذا المجال، تدعو الدولة إلى حزم أمرها بدعم القطاع الإعلامي، والإستجابة مع ما تطرحه النقابة من أفكار وآراء”.
وختم: “نشكر لكم حضوركم جميعًا، وللزميلات والزملاء عليكم بالوحدة لأنها العاصم لكم عن السقوط، والحائل دون أخذكم بالمفرق، وتذكروا ما قاله الشاعر القديم: أصابع يد المرء في العدّ خمسة / لكنها في مقبض السيف واحد”.
جنون
بدوره، شدد جنون على “أهمية الدور الإعلامي في مركز لبنان التطوعي الذي يشمل لجان عديدة وأهمها لجنة الإعلام لأنه السبيل الوحيد والأساسي في التغطيات الإخبارية، وغالبًا ما تكون واضحة وصريحة”، وأشاد بـ”التعاون مع نقابة المحررين في تنظيم هذا المؤتمر للإضاءة على محاور إعلامية من قبل إختصاصيين وأعلام كبار الذين يتناولون شتى المواضيع الإعلامية”.
وقال: “الإعلام نعتبره اليوم، متطوع لأجل إيصال الصورة والمعلومة، وهو على الدوام في دائرة الخطر ويضحي من نفسه وأسرته لتغطية حدث بطريقة عملية وصحيحة، وهناك شهداء وجرحى من الصحافيين سقطوا لأنهم قالو الحقيقة والصورة الواضحة للناس”.
ثم قدمت مداخلات من الإعلاميين المحاضرين في المؤتمر
لمتابعة اخر اخبار لبنان والعالم زوروا موقعنا الالكتروني jbail al akwa news
jbail Al Akwa News: سوريا قرّرت طريق السلام… فمتى لبنان؟ كتب نقيب الصحاقة عوني الكعكي في جريدة الشرق:
توقفت باهتمام كبير عند كلام المبعوث الأميركي توم باراك، لأنّ هذا الكلام صادر من رجل مقرّب جداً من الإدارة الأميركية، ويبدو أنّ الكلام الذي قاله هو في الحقيقة رسالة إلى كبار المسؤولين اللبنانيين.. قبل أن أبدأ مناقشة رسالة السيّد توم باراك، أتساءل عن وجود هذه المسيّرات التي غطّت سماء لبنان… فأين قوة ردع حزب الله؟.. ثم لا بدّ أن نتطلع الى ما يجري في سوريا، وأين كانت سوريا؟ وأين أصبحت؟ بداية، سوريا أيام الرئيس الهارب بشار الأسد غير سوريا أيام الرئيس أحمد الشرع.. أيام الرئيس الهارب كانت منقسمة ومقسّمة، وتعيش حالاً من الخراب والقتل والتدمير.. حيث أوصلت نفسها الى إصدار «قانون قيصر» في مجلس الشيوخ الأميركي، وهو نظام عقوبات على النظام وعلى الشعب السوري، وكاد يخنق الشعب السوري. وللتاريخ نذكر أنّ «قانون قيصر» أُقرّ عام 2019 حيث كان الشعب السوري يواجه فظائع إجرام النظام التي لا تغتفر. ومع صدور «قانون قيصر» جُمّدت الأصول وقطع التمويل غير المشروع وعزل النظام الوحشي في سوريا. لكن سوريا بعد 8 ك1 2024 مع تنصيب حكومة سورية جديدة، فقد شرّعت قيادتها المصالحة وأعادت العلاقات مع تركيا والسعودية والإمارات ومصر وأوروبا، وبدأت تطبيعاً هادئاً مع إسرائيل. وهنا أتساءل: طالما كنا نتحدّث دائماً عن وحدة المسار والمصير مع سوريا، فلماذا لا نجنح للسلام الآن ما دامت سوريا بدأت به؟ ففي زيارة دونالد ترامب الى المملكة العربية السعودية ودول الخليج في 13 أيار 2025، أعلن الرئيس الأميركي من الرياض عن نيّته رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، وهذا تحوّل تاريخي من حال الكراهية الى حال من التعاون، وأصبح هذا الوعد سياسة رسمية في 30 يونيو/ حزيران عندما أُلغي أمر تنفيذي وأصبح هذا الوعد سياسة رسمية. هذا الأمر التنفيذي ألغى معظم العقوبات بدءاً من 1 تموز، وهكذا تحوّلت الى شراكة بين سوريا والولايات المتحدة الأميركية، وأرسلت إشارة للمستثمرين والحلفاء بأنّ أميركا أصبحت تدعم إعادة الإعمار في سوريا. إلغاء العقوبات لم يكن صدقة، إنّه استراتيجية، فهو يحرّر قدرة الحلفاء والمستثمرين لإعادة بناء شبكات الكهرباء وأنظمة المياه والمدارس والمستشفيات. ويطلق واحداً من أهم جهود إعادة الإعمار. ففي أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية حدثت عمليات إعمار واستثمارات كبرى. وهنا لا بدّ أن نذكّر بمناشدة 26 شخصية من كبار الشخصيات الدينية المسيحية في سوريا لإلغاء العقوبات على سوريا، محذرين بأنّ هذه العقوبات ستكون من الأسباب الرئيسة لتقليص الوجود المسيحي في الوطن. بينما تستعيد سوريا استقرارها عبر التطبيع مع تركيا وإسرائيل، يأتي دور لبنان الموجود على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة.. فما هو الوضع في لبنان؟ إنّ وقف إطلاق النار الذي رعته أميركا في 2024 سعى الى وقف التصعيد، لكنه فشل في النهاية.. والسبب أنه لم يكن هناك اتفاق مباشر بين إسرائيل وحزب الله، لأنّ لبنان يعتقد أنّ التعامل مع إسرائيل جريمة… في الوقت نفسه، تستمر إيران في تمويل ميليشيا حزب الله رغم العقوبات، في الوقت الذي يوجّه مجلس الوزراء اللبناني رسائل متضاربة للقوات المسلحة التي تفتقر الى التمويل للقيام بواجباتها. فالنتيجة كانت: هدوءاً هشّاً من دون سلام، وجيشاً بلا سلطة، وحكومة بلا سيطرة. إذا استمرّت بيروت في التردّد فقد تتصرّف إسرائيل من جانب واحد، والعواقب ستكون وخيمة. لذلك، فإنّ نزع سلاح حزب الله سيكون في مصلحة كل اللبنانيين، وسوف يجنّب لبنان المزيد من الخراب والتدمير والقتل. على كل حال، هنا سؤال بسيط جداً: الكلام الذي يصدر عن قيادات الحزب، ويطبّل ويزمّر الى أنّ الحزب يعيد بناء قواته، وأنه أصبح أقوى من ذي قبل، فما مدى صحّة هذا الكلام؟ يا جماعة الخير… المقاومة بدأت عام 1983، وحقّقت إنجازاً تاريخياً بإجبار إسرائيل على الانسحاب عام 2000 بدون قيد ولا شرط… ولكن للأسف لم نستفد من هذا الربح، لأننا أكملنا بشعارات غير قابلة للتنفيذ بأننا سنحرّر القدس. اليوم وبعد الخسائر الكبيرة للحزب، ولكل اللبنانيين على جميع الأراضي اللبنانية، لو سألنا الحزب: ماذا يريد وماذا سيفعل؟ فماذا سيكون الجواب.. الأهم هل يوجد مواطن لبناني واحد يقتنع أنّ الحزب يستطيع أن يفعل شيئاً؟ ولو كان صحيحاً، فلماذا لم يفعل الحزب شيئاً لتحرير أي بقعة من لبنان منذ عام 2000، أي منذ 25 سنة؟ بل العكس هو الصحيح.
لمتابعة اخر اخبار لبنان والعالم زوروا موقعنا الالكتروني jbail al akwa news