بعد الانتهاء من التعيينات الأمنيّة وفقاً للخارطة الموضوعة، يستكمل الرئيس جوزف عون الإمساك بمفاتيح التحكّم والسيطرة في مفاصل الدولة، وذلك عبر ملفّ التعيينات القضائية حيث التوجّه لإجراء نفضة شاملة تشمل المواقع الرئيسية. كيف ستكون خارطة التغيير؟ من يرحل ومن يبقى؟
يتصدّر القضاء العدلي المشهد عبر الحاجة إلى تعيين أعضاء لمجلس القضاء الأعلى. ففي حين يظهر من المشهد العامّ أنّ وزير الداخلية السابق القاضي بسام المولوي قد تراجعت حظوظ تعيينه مدّعياً عامّاً تمييزياً أو رئيساً لهيئة التفتيش القضائي، بسبب الدور السياسي الذي قام به في الحكومة السابقة، وستتمّ إعادته إلى مركزه السابق ليرأس محكمة الجنايات في طرابلس، يظهر أنّ النيّة موجودة لتعيين القاضي جمال الحجّار في منصب المدّعي العامّ التمييزيّ الذي يشغله راهناً بالوكالة، لعدم وجود معارضة وازنة لتثبيته، وبخاصة بعد دوره في إعادة السير بملفّ المرفأ. أمّا إشكالية تعيين رئيس هيئة التفتيش القضائي فهي غير محسومة المعالم حتى اليوم، ولو أنّ وزير العدل تبنّى ترشيح القاضي أيمن عويدات للمركز بتزكية من رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبّود. أمّا من بقي من أعضاء مجلس القضاء الأعلى، فالثابت تعيين المقرّبين من الثنائي الشيعي القاضي سهير حركة والقاضي ماهر شعيتو، خاصّةً أنّ هذا الأخير سيحافظ على مركزه رئيساً للهيئة الاتّهامية في بيروت بعد تراجع حظوظ تعيينه مدّعياً عامّاً ماليّاً خلفاً للقاضي علي إبراهيم بسبب القروض السكنية التي استفاد منها قبل الأزمة المالية.
لمن مركز المدّعي العامّ الماليّ؟
يدخل في سباق التعيين على مركز المدّعي العامّ الماليّ القاضي حبيب مزهر الأكثر قرباً من الرئيس نبيه برّي، وربّما هذا ما يولّد المعارضة الموجودة لتعيينه، إضافةً إلى طبيعة القرارات التي اتّخذها في سياق ملفّ المرفأ، والقاضي رهيف رمضان الذي يسعى إلى تحسين رصيده لدى الثنائي، خاصةً بعدما تمّ التوافق في مشروع التشكيلات الأخيرة الذي لم يُقرّ على تعيينه قاضي تحقيق في المحكمة العسكرية، ويبرز أيضاً اسم وزير الثقافة السابق القاضي محمد وسام المرتضى الذي طلب من وزير العدل تعيينه في هذا المركز، لكنّ المؤشّرات تدلّ على صعوبة حصول ذلك بسبب الأداء السياسي للمرتضى خلال تولّيه حقيبة الثقافة على أن يتمّ تعيينه رئيساً لمحكمة الجنايات في جبل لبنان في التشكيلات المقبلة على سبيل التسوية. لذلك يُرجّح أن يكون اسم القاضي كمال نصّار الأكثر قبولاً من جميع الفرقاء لعدم تسجيل ملاحظات على أدائه وسيرته.
يضاف إلى هذه الشواغر مركز رئيس هيئة القضايا في وزارة العدل الذي يشغله راهناً بالتكليف القاضي كلود غانم، وهو من الطائفة المارونية، في حين أنّ العرف السائد في وزارة العدل أن يكون هذا المركز من حصّة الطائفة الكاثوليكية وأن تكون رئاسة هيئة التشريع والاستشارات من نصيب الطائفة المارونية. ولكنّ تغييراً سبق أن حصل في عهد الرئيس ميشال عون لدى تعيين القاضية جويل فوّاز الكاثوليكية بتزكية من الوزيرين جبران باسيل وسليم جريصاتي في رئاسة هيئة التشريع والاستشارات، وهو ما يطرح اليوم مسألة تثبيت التغيير بحيث يتمّ تعيين ماروني في رئاسة هيئة القضايا وتثبيت غانم أو العودة إلى العرف السابق فيتمّ تغيير القاضية فوّاز